تواصل معنا

أعمال بالإنكليزية

الرئيسية

Write Me

Home

Works in English

About

Works in Arabic

عن الكاتب

أعمال بالعربية

هذا وقد برع الكتّاب والكاتبات في إعطاء الزمن والحالات النفسية ألواناً.  فالزمن قد استخدم بكثرة في الروايات وجاء على عدة ألوان والعديد منها غريب.  فقد جاء "الأيام" بلون قوس قزح وجاء كل من "الوقت" و"الزمن" و"المرحلة" أخضر وكذلك الأمر "الشفق".  وقد استخدم الكتّاب والكاتبات، وبغض النظر عن منطقتهم الجغرافية أو البلد، استخدموا ست عشرة لوناً مختلفاً في وصف الزمن ومشتقاته.  ولكن الكتّاب الذكور أكثر تلوناً عند وصف الزمن من الكاتبات وبنسبة الضعف.  ولعل السبب راجع إلى كون الزمن شيء مجرد وغير ملموس فلم تخض الكاتبات بإعطائه لوناً بينما كنّ أكثر تلوناً في الأشياء الملموسة كالملبس والمكياج كما رأينا من قبل.

وأخيراً، فإن للطبيعة مكاناً مهماً في الأعمال الروائية إذ يأتي ذِكر 805 موصوف تمثل 150 موصوفاً مختلفاً.  ولا فرق كبير هنالك بين الكتّاب والكاتبات من ناحية وصف أسماء الطبيعة إذ أن 52% من موصوفات الطبيعة عائدة للكتّاب و48% للكاتبات.  ولكن الأمر ليس كذلك من الناحية الجغرافية.  فليس كل مناطق العالم العربي متساوية من حيث إدخال موصوفات الطبيعة في رواياتها بل تقع في ثلاثة أقسام: فبلاد الشام والعراق ومنطقة النيل هما أكثر المناطق العربية ادراجاً لوصف الطبيعة في الأعمال الروائية أما القسم الثاني فهو المغرب العربي والمنطقة الأقل استخداماً لوصف الطبيعة هي الجزيرة العربية.  ومن المثير أن نرى أن أكثر البلدان وصفاً للطبيعة (كنسبة من عدد كلمات الرواية) هي موريتانيا تليها الأردن فالمغرب فمصر والكويت

وإن كان مثيراً أن نرى الكتّاب والكاتبات العرب يبدعون في خلق ألوان جديدة، إلا أنه كان واضحاً أن الكاتبات هن أجرأ من الكتّاب في ابتكار الغريب من الألوان كالأسطوري والضحى والأغبش والفجيعة ومهذب والضيق (ما مجموعه 23 استخداماً) بينما حظ الكتّاب 14 استخداماً.  موريتانيا هي البلد الأكثر اختلاقاً لهكذا ألوان تليها كل من مصر واليمن والسودان والجزائر.  وقد تبيّن أن الدول التي لها أكبر باقة ألوان هي أقل البلدان اختلاقاً لألوان غريبة والعكس صحيح.  فيبدو أن كتّاب وكاتبات البلاد ذات باقات ألوان كبيرة (مثل فلسطين ولبنان والعراق والكويت وسوريا)، لديهم من الألوان ما يغنيهم عن اللجوء لاختلاق ألوان جديدة.

أما من ناحية إعطاء الأشياء لوناً غير لونها الطبيعة، نرى أنه لا فرق بين الكاتبات والكتّاب فمئة (100) من الأسماء الـ 205 هي للكتّاب الذكور بينما الباقي (105 أسماء) هي للكاتبات. ولكننا وجدنا أنه إن أخذنا بعدد الكاتبات المختلف وعدد الكتّاب الذين تناولوا سوريالية الألوان هذه لرأينا تفاوتاً بينهما حيث أن الـ 105 أسماء قد وُضعت من قبل 38 كاتبةً بينما الـ 100 اسم وُضعت من قبل 30 كاتباً فقط. فالنساء أكثر جرأة بإعطاء الأشياء ألواناً غير ألوانها الطبيعية أو المعتادة.وكتّاب وكاتبات منطقة الشام والعراق هم أجرأ الكتّاب في إعطاء الأشياء غير لونها الطبيعي أو المعتاد ويليها منطقة المغرب العربي، بينما منطقة الجزيرة العربية هي من أقل استخدام.  والكتّاب والكاتبات العرب إنما يلجؤون إلى هذا الوصف السوريالي بشكل أكبر مع الزمن.فهم يستخدمون الألوان بهذه الطريقة في الوقت الحاضر ثلاثة أضعاف ما كانوا يستخدمونه قبل 93 عاماً.

أما إن أعدنا النظر من ناحية نسبة الأسماء بلون غريب لكل 1,000 كلمة فنتفاجأ مرة أخرى بأن الكتّاب الموريتانيين هم أكثر الكتّاب استخداماً للألوان السوريالية (0.1792 لكل 1,000 كلمة) يليهم كتّاب فلسطين (0.1016 اسماً لكل 1,000 كلمة) ثم الكويت وليبيا فالإمارات ولبنان.  وقد كان للدم نصيب الأسد من الألوان الغريبة إذ جاء على سبعة ألوان مكررة ست عشرة مرة والوجه بسبعة ألوان غريبة مكررة ست عشرة مرة أيضاً.  هذا، وإن جاءت السماء بسبعة ألوان غريبة إلا أن تكرارها كان إحدى عشرة مرة.

ولكن لا غرابة في الألوان الأكثر استخداماً في وصف الشخصيات الذكورية أو الأنثوية.  فالأبيض والأسود والأحمر والأسمر هي الأكثر استخداماً.  هذا من ناحية ترتيب أكثر الألوان استخداماً.  أما من ناحية عدد تكرار الألوان المختلفة التي وُظفت في وصفها فهنالك اخلاف كبير إذ يجنح الكتّاب والكاتبات على حد سواء بإعطاء الشخصيات الأنثوية صفة لوناً 45% أكثر من الذكورية.  ويبدو أن الأعين الخضراء والعسلية هي بالفعل صفة إغراء وقد رجح هذا التعليل النسب التي حصلنا عليها إذ أعطت الكاتبات اللون الأخضر لشخصياتهن الذكورية 25% أكثر من الأنثوية كما أن الكتّاب أعطوه لشخصياتهم الأنثوية 33% أكثر من الذكورية وكذلك الأمر بالنسبة للعسلي، وهذه نسب عالية مما قد يدل على ما يُعتبر لوناً مغرياً عند النساء والرجال بشكل عام.

وقضية الإغراء هذه تنتقل إلى لون الشعر أيضاً.  فقد كان واضحاً من التحليل أن الكتّاب يعطون اللون الذهبي للشخصيات الأنثوية مما يدل على أنه مصدر إغراء.  أما اللون الفضي والشايب فهو من نصيب الشخصيات الذكورية.

هذا وتجنح الكاتبات بتلوين شعر شخصياتها الأنثوية أكثر من الذكورية مما يعكس طبيعة اهتمام الإناث بالشعر والمحافظة عليه بعكس الرجال، وهذا الجانب كان أيضاً واضحاً إذ لا تعامل الكاتبات شخصياتها الذكورية بنفس مقدار الأنثوية من ناحية إعطاء لون لشعرها.  وقد رأينا أن اللون الأسود للشعر يحتل المرتبة الأولى عند ثلاث مناطق (الشام والعراق والجزيرة العربية وبلاد النيل) بينما يـأتي في المرتبة الثالثة في المغرب العربي.  كما أن هنالك فريقيْن من المناطق، إذ تتفق دول شبه الجزيرة العربية (منطقتا الشام والعراق والجزيرة العربية) على أهمية اللون الأشقر للشعر بينما تتفق منطقتا أفريقيا (بلاد النيل والمغرب العربي) على عدم أهمية الشعر الأشقر.

هذا ويحب الكتّاب والكاتبات أن تكون الشخصيات الأنثوية بيضاء بفارق كبير عن شخصياتهم الذكورية، فثلثا الشخصيات الأنثوية عند الكتّاب الذكور هي بيضاء مقارنة بـنصف ذلك من الشخصيات الذكورية (هذا بالنسبة لوصف الجسد والأذرع والسيقان والأفخاذ والرجل والمرأة والبشرة).  الأمر نفسه عند الكاتبات.  كما يتفق الكتّاب والكاتبات بشكل واضح على أن السمار والسواد هو من خاصة الذكور إذ أن نسب الشخصيات الذكورية السمراء عند الكاتبات والكتّاب هي أضعاف نسب الشخصيات الأنثوية.  وبشكل عام وباختلاف المناطق أو البلدان، هنالك احتمال أكبر لوصف أعضاء أو جسد الشخصية الأنثوية من الشخصية الذكورية وهذا قد يكون دليلاً آخر على أن المرأة يُنظر إليها على أنها أداة للتغزل بها وبعنقها وساقيْها وفخذيْها بينما يكون التركيز للشخصيات الذكورية على وصف الجسد والبشرة بشكل عام.

وبالإضافة للاهتمام الملحوظ في وصف جسد الشخصيات وأعضاءه، فهنالك اهتمام كبير أيضاً بوصف ملبسها وهذا الاهتمام آخذ بالزيادة مع الوقت ولكن كتّاب وكاتبات بلاد الشام والعراق وبلاد النيل هم الأكثر اهتماماً بهذه الناحية من الكتّاب والكاتبات الأخرين.

واختيار ألوان الملابس للشخصيات لا يبدو أنه تابع تخطيط معيّن أو عن وعيّ، بل يبدو أنه يجيء عفوياً إذ أن الألوان الأكثر استخداماً وترتيبها تتبع نفس ترتيب نتائج برلين وكاي.  وقد وجدنا أن أهم الألوان لدى الغالبية العظمى من الدول العربية هي الأبيض والأسود والأحمر والاخضر والأزرق.  ولكن هنالك بعض البلدان العربية التي تفتقر إلى بعض من هذه الألوان في الملبس.  فلا ملابس حمراء في كتابات تونس، ولا خضراء في اليمن وقطر، ولا زرقاء في الأردن وقطر وموريتانيا.

وكتّاب وكاتبات العالم العربي على مدار قرن من الزمن لم يغيّروا في نسبة استخدامهم للألوان، فهم يستخدمون 2.7 ألوان لكل 1,000 كلمة في المعدل.  وقد رأينا أن خط الاتجاه لم يتغيّر كثيراً على مدى 93 عاماً.  ولكن على مستوى الجنس، هنالك اختلاف كبير إذ أن الكاتبات يوظفن الألوان بنسبة أقل مع الوقت بينما العكس هو صحيح عند الكتّاب.  كما أن منطقة الجزيرة العربية هي المنطقة الوحيدة التي تزداد فيها نسبة الألوان مع الوقت بينما هي عكس ذلك لبقية العالم العربي.

هذا ويوظف الكتّاب الذكور الألوان الباردة والحيادية بشكل أكبر مع الزمن، بينما استخدامهم للألوان الدافئة شبه مستقر وبعكس الكاتبات إذ أن كل الألوان الباردة والحيادية والدافئة في هبوط.  ولكن الأمر المثير الذي أشرنا إليه في الكتاب أن الكتّاب والكاتبات لا يستغنون عن الألوان الدافئة والحيادية في أعمالهم، أما الألوان البادرة فيمكن الاستغناء عنها كما رأينا في أعمال حنان بكير وعزيزة عد الله وغازي القصيبي وخليل صويلح.

وبالرغم من أن القارئ قد كان يتوقع وجود فرق بين الجنسيْن بطريقة استخدام بعض الألوان المشتقة من أسماء الطعام، إلا أن نتائج تحليلنا فاقت توقعاتنا إذ وجدنا أن الكاتبات قد وظّفن سبعة عشر لوناً مختلفاً مشتقة من أسماء الطعام بينما لم يستخدم الكتّاب إلا أربعة ألوان.  ويأتي استخدام الألوان المشتقة من الطعام بشكل طبيعي للكاتبات ولذلك استخدمتها عشرون كاتبة بينما في المقابل لم يستخدمها سوى ثلاثة كتّاب.  والأمر ذاته بالنسبة للألوان المستوحاة من الحالات النفسية، فبينما يستخدم الكتّاب لونين فقط مشتقيْن من الحالات النفسية (وهما انفعال وكئيب) فإن الكاتبات يستخدمن خمسة ألوان (الضيق والعاطفة وبهيج وفجيعة ومقيت).  ولا شك أن هذا عائد إلى كوْن المرأة أكثر عاطفة من الرجل.


من الخاتمة

اللون في الرواية العربية

دراسة تحليلية

أبريل 2016

المؤسسة العربية للدراسات والنشر